مدينة حماة عبر التاريخ

من طرف Reem السبت فبراير 13, 2010 6:11 pm

مدينة حماة عبر التاريخ

كم من قبائل حطت فيك عابرة وأنت خالدة في مدرج الزمن
حتى إذا جاءك الاسلام مؤتلقا عانقته كعناق الروح للبدن

لقد جاء في الكتب التاريخية القديمة أن حماة تعني الحصن أو القلعة , وفي اللغات الشرقية يسمى الحصن حامات وهناك من يقول بأن حماة اسم جاء للمدينة من اسم أول ملك آرامي حكمها ثم تبدل اسمها الى ابيفانيا وذلك في عام /301/ قبل الميلاد نسبة الى الملك السلوقي أنطوخيوس ابيفانس الرابع ..

و حماة من أقدم مناطق السكن في الشرق الأوسط , ويرجع تاريخها إلى عصور موغلة في القدم , وتؤكد البعثات الأثرية الغربية أن حوض العاصي كان مرتعاً للحياة البدائية والإنسان الحجري القديم بدليل العثور على أدوات وآثار و سكن تعود إلى عصور ما قبل التاريخ في أرجاء المحافظة جميعها , كما أثبتت الدراسات التي أجرتها البعثة الأثرية الدانيمركية برئاسة العالم هارولد آنغولت والتي قامت بحفرياتها في قلعة حماة بين عامي 1931_ 1938م أن هناك ثلاث عشرة طبقة حضارية للعصور التي مرت على المدينة , ويعود تاريخ الطبقة الأولى إلى العصر النيولتي (أي حوالي الألف السادس قبل الميلاد) في حين أن أحداثها يعود إلى القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي)..

ومن هنا فتاريخ حماة المعروف والموثق أثرياً يعود إلى ثمانية آلاف عام , وهذا الذي جعلها _ ومن خلال الدراسات العلمية _ من أقدم المدن على سطح الكرة الأرضية التي ما تزال الحياة تنبض في أرجائها .. إن لم تكن أقدمها على الإطلاق . ويبين تقرير العالم آنفولت أن نواة المدينة قد تشكلت في القلعة في الألف السادس قبل الميلاد , ثم شرعت النواة في التوسع , ولعل العمالقة الروتانيين كانوا من أوائل من سكنها , وهم من العرب القدماء.

وخضعت حماة من ثم إلى سلطة السومريين , فالأكاديين حتى أواخر القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد عندما هاجمها العموريون الذين أصبحوا من بعد من سكانها وأصبحت هي مركزاً لهم. وتعرضت حماة من بعد لهجمات البابليين , ثم جاءها الحثيون حوالي عام /2000/ قبل الميلاد , ثم اجتاحها الهكسوس الرعاة وبقيت كذلك حتى عام /1580/ قبل الميلاد حيت احتلها الحوريون و الميتانيون , ومن ثم خضعت للاحتلال الفرعوني , ومن بعده اجتاحها الحبيرو , وعاثت فيها فساداً. ومع أواخر القرن الثالث عشر قبل الميلاد ظهر الآراميون الذين أسسوا ممالك مستقلة في أنحاء سورية ,

وكانت حماة من أهم المدن التي جددوا بناءها فازدهرت ازدهاراً كبيراً , ونافست الممالك الآرامية الأخرى وإن الآثار المكتشفة تدل على استعمال سكانها معدن الحديد , ومعرفتهم بالزراعة والري معرفة جيدة. وجاء حماة من بعد الآشوريون , فالكلداينون , فالمصريون فالكلداينون ثانية, ثم خضعت لسيطرة الفرس , وفي عام /331/ قبل الميلاد دخلت تحت نفوذ الاسكندر المقدوني , ومن بعده كانت من نصيب القائد سلوقوس نيكاتور عام /312/ قبل الميلاد وهو مؤسس الدولة السلوقية وباني مدن أفامية واللاذقية وأنطاكية في عام /300/ قبل الميلاد .

وفي عام /64/ قبل الميلاد دخلت حماة تحت سيطرة الرومانيين , ومن بعدهم البيزنطيين حتى عام /17هـ -638م/ حين دخلتها جيوش الفتح العربي الإسلامي بقيادة أبي عبيدة الجراح , وجعلت من أعمال جند حمص.. واستمرت كذلك في عهد الخلفاء الراشدين وفي خلال العصر الأموي . وأما في العصر العباسي فقد توالى عليها الطولونيون والقرامطة والإخشيديون والحمدانيون والمرداسيون والزنكيون .. ومنذ استولى عليها نور الدين محمود /533هـ-1138م/ بدأت في الازدهار والتقدم , وهو الذي جدد بناءها وعمرانها بعد الزلزال الذي أصابها عام /552هـ-1157م/.

ولقد اجتاحت الجيوش الصليبية في خلال حملاتها المتوالية مختلف مدن سورية وفلسطين غير أن حماة وقفت سداً منيعاً تجاه الغزاة الصليبين فلم يستطيعوا دخولها إطلاقاً .وفي عام /70هـ 1172م / استحوذ السلطان صلاح الدين الأيوبي على حماة وولى عليها ابن أخيه تقي الدين عمر, وأصبحت منذ ذلك التاريخ مركزاً لإمارة أيوبية ثم أضحت مملكة فسلطنة وسادها استقرار وازدهار كبيران للغاية , فلعبت دوراً مهماً في تاريخ العصور الوسطى للمنطقة وصارت درة الشام وجوهرتها ,ومن أبرز من تولاها من الأيوبيين الملك العالم والمؤرخ الجغرافي الشهير اسما عيل بن علي الأيوبي الشهير بأبي الفداء وذلك في عام /710هـ-1310م/ وبقي فيها إلى توفي عام /732هـ-1331م/ ودفن في مسجده المعروف باسمه .

ودخلت حماة من بعد في حوزة المماليك وتعرضت لغزوات الموغول وهجماتهم , وفي عام /922هـ-1516م/ دخلت في حوزة العثمانيين , ومن ثم خضعت فترة للحكم المصري في عام /1247هـ1832م/, وبعد ثماني سنوات عادت إلى الحكم العثماني الذي استمر حتى عام /1326هـ-1918م/ حين دخلها الملك فيصل الأول الهاشمي , ونعمت مع شقيقاتها بالحكم العربي مدة تقارب العامين , ثم دخلت بعدها سورية أرتال الجيش الفرنسي وعانت منهم البلاد معاناة رهيبة استمرت ستاً وعشرين سنة إلى أن تم طرد المستعمر في عام /1365هـ-1946م/ ونعمت حماة- من جديد- مع شقيقاتها المدن السورية الأخرى بالاستقلال والحرية والسيادة .